نبذة عن الكتاب

كانت تجارة العبيد من أكبر الهجرات القسرية في التاريخ البشري . ولقد أُسر خلال هذه التجارة ما يقارب أحد عشر مليوناً من الرجال والنساء والأطفال من مختلف الجماعات العرقية الإفريقية، وبيعوا، ونقلوا إلى العالَم الجديد(3) . وعلى الرغم من اتساع مجال التجارة، فإن الوصف المباشر من الضحايا أنفسهم كان نادراً جداً . غالباً بسبب الأمية - لكنْ ليس كلياً، كما يُظهر مثال ولدَي روبين جون . كانت فرص الأسرى في تدوين حكاياتهم ضئيلة جداً، والقليل من الأسياد كانت لديهم الرغبة بأن يدعوهم يفعلون ذلك . عملياً، كان يتم استعبادهم في ظروف وحشية وقاسية داخل مجتمع المستعمرات في العالَم الجديد، ولهذا كانت الفرص قليلة في نجاة أي سجلات كتبها العبيد أنفسهم . ولعقود من الزمن، لعب المؤرِّخون المختصون بتجارة العبيد "لعبة الأرقام"، سباقات طويلة . وكثير من النقاشات الساخنة كانت تدور حول مساحة رقعة التجارة وعدد الأشخاص الذين سقطوا ضحية لها . ومع أنه لا مجال للشك في أن الأرقام أساسية من أجل فهمٍ كاملٍ لهذه التجارة وللخسائر الفادحة التي سبَّبتها في حياة البشر، فإن هذا التركيز على الأرقام كثيراً ما كان يُخفي القصص الفردية لهؤلاء الذين خاضوا تجربة العبودية . إن التحدي يكمن في ترجمة هذه الإحصائيات إلى بشر . بالتأكيد، إن معظم هؤلاء الأفراد منسيون تاريخياً - من المستحيل اليوم إعادة بناء حياة أحد عشر مليوناً من الأفراد، مع أن هذا وحده ما يمكن أن يكشف تماماً مدى الأثر المأساوي لهذه التجارة . إن العدد المجرَّد للضحايا يتحدَّى القدرة على الفهم، مع أننا نعلم جيداً أن هناك تجارب متنوِّعة جداً وراء هذه الأرقام . لقد قدّم ولدا روبين جون إحدى الفرص لتصوير ضحايا هذه التجارة بتفصيل أكبر ولإحياء صوت اثنين من الأشخاص اللذين نجيا من المعبر الأوسط Middle Passage، تلك الرحلة من الشاطئ الغربي لإفريقيا إلى القارة الأمريكية . إن حكايتهما ملأى بالمفاجآت، ولا يمكن اعتبارهما نموذجاً للرجال الذين تم استعبادهم في أفريقيا .